لنتعرف على ايات الله فى خلقه نعمت السمع ومما يتكون جهاز السمع
آيات الله فى خلق السمع
من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان نعمة السمع التى هى أداة التعلم الأولى ، وعن طريق هذه الحاسة العظيمة تدرك المعارف والعلوم ، ويسمع النداء والذكر والقرآن الكريم ، وعن طريق السمع يحدث التوجيه والتعلم والإرشاد والنصح ، وتتم الفائدة من الحواس الأخرى كالبصر (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا )
والإنسان مسئول أمام خالقه عن كل نعم الله تعالى ، ومنها السمع قال الله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) ويوم القيامة تنطق الحواس والأعضاء وتشهد على صاحبها بكل ما وقع منه قال الله تعالى : (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ)
تقديم السمع على البصر فى القرآن الكريم :
قدم السمع على البصر فى القرآن الكريم ، لأن السمع أعظم وأهم من البصر ، لأن المولود يتعلم بواسطة السمع أضعاف ما يتعلمه بواسطة البصر ، لأن الأصم منذ ولادته لا يستطيع أن يتعلم اللغة ، أما المولود بدون نعمة البصر ، فإنه يستطيع أن يتعلم الكثير من اللغات بكل يسر. وعلى أرض الواقع نجد أن كثيراً من الفلاسفة والعلماء والقادة هم ممن فقدوا نعمة البصر ، قال الله تعالى : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
ففى الآية الكريمة قدم سبحانه وتعالى السمع على البصر فى معرض سياق الطرق الأساسية التى بها يكتسب الإنسان المعارف والعلوم والمدارك فى الحياة الدنيا . والطفل فى بطن أمه يسمع صوتها ويميزه بسرعة منذ الشهر الرابع من الحمل ، وهو فى ظلام الرحم فى الكيس الأمينونى ولا يستطيع أن يرى شيئاً إلا بعد الولادة لعدم إتمام تكوين الشبكية وهى جهاز التصوير الذى يصور الأشياء ويرسلها إلى المخ عن طريق العصب البصرى.
كما أن حاسة السمع تمتاز بالشمولية ، فأنت تسمع من جميع الاتجاهات ، وتسمع القريب والبعيد على خلاف حاسة البصر ، والتى تحدد باتجاه واحد ، وفى حدود الرؤيا البصرية المحدودة . كما أن النائم يسمع ولا يرى. أى حاسة السمع أشمل وأوسع فى كل الأحوال ، والطفل يسمع لأمه وهى تداعبه وتربت على ظهره والأم حينما تربت على ظهر الوليد وتهزه بيديها فإنها تمهد لنومه هادئاً ، لأنه كان ينام فى أثناء الحمل على نبضات قلب الأم واهتزازاته الدائمة.
تركيب جهاز السمع تشريحياً:
يتكون جهاز السمع من الأذنين والأعصاب السمعية ، والمراكز العصبية وتتكون كل أذن من ثلاثة أجزاء:
1. الأذن الخارجية وتشمل :
- صوان الأذن : وهو نسيج ليفى غضروفى يغطيه الجلد ، وبه تعاريج فائدتها توجيه الموجات الصوتية إلى القناة السمعية.
- قناة السمع الخارجية : طولها حوالى 4 سم ، وتمتد من صوان الأذن حتى الغشاء السمعى الداخلى ( طبلة الأذن ) ، وعند مدخل القناة السمعية الخارجية توجد أهداب من الشعر لوقاية الأذن من الأتربة والأجسام الغريبة وبالقناة أيضاً غدداً تفرز إفرازاً صمغياً أصفر اللون.
2. الأذن المتوسطة: هى تجويف داخل العظم الصدغى بالجمجمة وتقع بين الأذن الخارجية ، والأذن الداخلية ويفصلها عن الأذن الخارجية غشاء السمع الخارجى ، ويصلها بالبلعوم قناة تسمى القناة البلعومية السمعية أو ( قناة استاكيوس ) يصل عن طريقها الهواء الجوى إلى الأذن الوسطى حتى يتعادل الضغط الجوى على جانبى طبلة الأذن ، ويوجد بتجويف الأذن الوسطى ثلاث عظام صغيرة تسمى المطرقة والسندان والركاب تنقل الموجات الصوتية من الغشاء السمعى الخارجى إلى الغشاء السمعى الداخلى الموجود بين الأذن الوسطى والأذن الداخلية.
3. الأذن الداخلية : موجودة أيضاً داخل العظم الصدغى وتحتوى على عضوين :
أ. القوقعة : وهى العضو الخاص بحاسة السمع.
ب. القنوات نصف الهلالية : وتختص بحفظ توازن الجسم.
كيفية السمع :
عندما تصل الموجات الصوتية إلى صوان الأذن يوجهها خلال القناة السمعية الخارجية إلى الغشاء السمعى الخارجى الذى يهتز فتنتقل الاهتزازات بواسطة عظام الأذن المتوسطة الثلاث إلى الغشاء السمعى الداخلى ثم القوقعة فى الأذن الداخلية ومنها ينتقل الإحساس بالسمع فى العصب السمعى إلى مركز السمع بالمخ ، والذى يميز الأصوات المسموعة جيداً ويحدد اتجاهها ومصدرها.
تكوين الأذن فى الجنين:
1. الأذن الخارجية : تتكون من صوان الأذن والقناة السمعية الخارجية ، وصوان الأذن يتكون من جملة نتوءات من الجيب البلعومى الأول والثانى فى السبوع السادس من الحمل ، ثم تتحدد هذه النتوءات وتستدير لتكون شكل صوان الأذن ، وتغطى هذه النتوءات بالجلد ( الاكتودرم الخارجى ).
أما قناة السمع الخارجية فتتكون فى البداية من بطانة الشق البلعومى الأول ، ويمتد على هيئة قمع حتى يصل إلى غشاء الطبلة . وفى البداية تكون هذه القناة مقفلة ، ومصمتة لامتلائها بالخلايا التى تكون سدادة الصماخ ثم تمتص هذه السدادة ، وتزاح فى الشهر السابع وتصبح القناة مفتوحة.
وانظر رعاك الله دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ساجد : ( سجد وجهى للذى خلقه ، وصوره وشق سمعه وبصره ).
وفى العين نجد أن الجنين فى الأسبوع العشرين من الحمل تظل عيناه مقفلتان بالجفون . وفى الشهر السابع تتفتق الجفون مرة أخرى استعداداً لخروج الجنين إلى الحياة الخارجية وهنا يصدق شق البصر كما شق السمع.
فسبحان الذى خلق فسوى (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).
2. الأذن الوسطى :تتكون الأذن الوسطى فى الأسبوع الرابع من الحمل كامتداد للأقواس البلعومية الأول والثانى اللذان يكونان عظام الأذن الوسطى ، وهى المطرقة والسندان والركاب . وترتبط الأذن الوسطى ارتباطاً وثيقاً بالبلعوم الأنفى عن طريق قناة استاكيوس وفائدتها أن يتعادل الضغط الجوى داخل الأذن الوسطى مع الضغط الجوى الخارجى ، وحتى لا تتلف طبلة الأذن.
والأذن الوسطى حساسة جداً لآى التهاب فى البلعوم ، وخاصة فى صغار الأطفال عندما يعانون من التهاب اللوزتين أو البلعوم ، والأمر جد خطير إذا لاحظت الأم أى إفرازات من الأذن الخارجية مع بكاء الصغير وقد يمسك بأذنه وهو يصيح ويجب عرض الطفل على الطبيب المختص.
3. الأذن الداخلية : وتكوين الجهاز السمعى يبدأ بتكوين الأذن الداخلية ، والتى تتكون من الطبقة الجرثومية الخارجية مبكراً ، إذ تبدأ فى اليوم الثانى والعشرين أى فى بداية مرحلة المضغة ، على جانبى موقع المخ المؤخرى ، وتكون ما يسمى بحوصلة السمع OTIC VES ICLES وفى الأسبوع الخامس من الحمل تنقسم هذه الحوصلة السمعية إلى قسمين أمامى يسمى بالتنبيه الغشائى ، وقسم خلفى يعرف بالتنبيه العظمى ، وبينهما يوجد سائل ليمفاوى.
وتنفصل من الحوصلة السمعية مجموعة من الخلايا مكونة عقدة السمع وعقدة التوازن ATATO ACOUSTIC GONGLION وعقدة السمع تتنبه بالموجات الصوتية التى وصلت من القوقعة وجهاز كورتى ، وعقدة التوازن تتنبه بواسطة القنوات النصف هلالية والكييس والعييبة . ويتصل كل من جهازى السمع والتوازن بالعصب السمعى التوازنى الثامن من أعصاب المخ.
وأنت يا اخى تسير فى نعم الله تعالى تسمع وتبصر متوازناً لا تنكفئ والله يحفظك ويرعاك (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
والشاعر يقول :
وإذا كنت فى نعمة فارعها فإن المعاصى تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الله فإن الإله سريع النقم
وسبحان القائل فى كتابه العزيز تذكيراً لنا بالشكر والعرفان له : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ ).
ما هو الصمم : الصمم : هو نقص حدة السمع وقوته وهو نوعان :
- النوع الأول : ويصيب الأذن الخارجية والوسطى ، وينشأ من إصابات هذين الأذنين بمثل التشوهات الخلقية أو وجود شمع أو أجسام غريبة فى الأذن، وقد تصاب طبلة الأذن بأى إصابات تسبب شرخها أو ثقبها . كما أن وجود التهابات بالأذن الوسطى لأسباب كثيرة كالتهاب الحلق فى الأطفال والكبار قد يسبب الصمم. وقد تصاب عظام الأذن الوسطى بالتيبس أو التصلب نتيجة لمرض يسمى OTOSCLEROSIS .
- والنوع الثانى : من الصمم يصيب الأذن الداخلية فى القوقعة أو القنوات النصف الهلالية . وينشأ هذا النوع نتيجة لوجود خلقية أو حدوث تسمم ببعض الأدوية أو التهاب فى قنوات السمع أو وجود شرخ فى قاعدة الجمجمة أو يحدث هذا النوع نتيجة الشيخوخة المتقدمة.
ويجب العناية بالأذن بالنظافة المستمرة بالماء والصابون ، وتجنب التعرض للإصابات الحادة كوضع أجسام غريبة فى الأذن لتنظيفها.
أو الصفع باليد على الأذن لأن ذلك قد يعرض طبلة الأذن للانفجار ، أو وضع مواد كيميائية فى الأذن.
ويجب وضع صراخ الطفل فى الحسبان ، وخاصة إذا كان يعانى من التهاب بالحلق أو وجود إفرازات من الأذن الخارجية ، أو ارتفاع فى درجة الحرارة مع البكاء المستمر أو وضع يد الطفل فوق أذنه .
ويجب فحص الحلق للتأكد من عدم وجود لحمية قد تؤثر على تنفس الطفل ، وخاصة أثناء الليل لأن ذلك قد يؤدى إلى التهاب الأذن الوسطى.
ويجب إزالة شمع الأذن إن وجد لأن ذلك قد يؤثر على حدة السمع.
ويجب العرض على الطبيب المختص عند حدوث نقص فى حدة السمع . لأن إهمال ذلك يؤدى إلى الصمم والعياذ بالله.
أعاذنا الله من صمم الأذان وصمم القلوب فإنه أعتى وأمر. وأيقظ قلوبنا وأحياها يوم تموت القلوب إنه نعم المولى ونعم النصير.